تابعونا على :

الزراعة الحديثة بدون حراثة


الزراعة الحديثة الحافظة

يعد نظام الزراعة الحافظة الحديثة النظام الزراعي البديل عن نظام الزراعة التقليدية المعتمدة على حراثة التربة، بينما في الزراعة الحافظة لا يتم حراثة التربة أو أقل حراثة ممكنة للتربة. 

ما هي الزراعة الحافظة؟

الزراعة الحافظة (الزراعة الحافظة بالانجليزي conservation-agriculture ) هي زراعة المحاصيل في تربة غير محضرة مسبقا، مع أقل تعامل مع التربة، أو مع تعامل خفيف  ما أمكن بحيث يتيح لنا وضع البذور. 

مبادئ الزراعة الحافظة:

تعتمد الزراعة المحافظة (الزرعة بلا حرث) على ثلاثة  مبادئ أساسية:
1- عدم فلاحة التربة أو الحد الأدنى من حراثة التربة : أي الحفاظ على التربة سليما ما أمكن .
2- التغطية المستمرة لسطح التربة بالمخلفات النباتية ، أو بزراعة محاصيل التغطية .
3- تطبيق الدورة الزراعية: والتي تتضمن على الأقل ثلاثة محاصيل، ويفضل أن يكون من ضمنها أحد محاصيل البقوليات.
ولذلك وبناء على المبادئ السابقة  ستبقى التربة مغطاة ببقايا المحصول السابق سواء كان من مخلفات النباتات أو المحاصيل السابقة الميتة، أو من محاصيل التغطية الخضراء ، اعتبارا من جني المحصول السابق وحتى بعد الزراعة الموسم الحالي .
كما من المهم اجراء مكافحة للأعشاب الضارة في الزراعة المحافظة سواء قبل أوأثناء أ وبعد زراعة المحصول بجميع طرق المكافحة المعروفة ( قص الأعشاب ، محاصيل التغطية، الزراعة الكثيفة، رش المبيدات العشبية) ماعدا حراثة الأرض.

خطوات وطريقة الزراعة الحافظة:

 1- نشر بقايا ومخلفات المحصول السابق على كامل التربة (بحيث تغطي سطح التربة بنسبة لا تقل عن 30%) .
 2 - اجراء أقل فتحات في التربة لزراعة بذور المحصول (جور صغيرة، خندق صغير...) ولوضع السماد، وويتم ذلك   يدويا أو بأدوات بسيطة مثل بذارة ، او بآلات حديثة مصممة بأن تقوم بالحفر وبوضع البذور وبالتسميد بنفس الوقت.
 3 - مكافحة الأعشاب الضارة (قبل، وأثناء الزراعة، وبعدها) بأي طريقة ماعدا حراثة التربة.

أنماط وطرق الزراعة الحافظة:

 1 - بدون فلاحة التربة نهائيا (الزراعة الصفرية): 

الزراعة الصفرية هي زراعة المحاصيل بدون حرث للتربة. جيث تقوم آلات بسيط ة( آلة زرع البذور اليديوية )  أو آلات  حديثة بغررس البذور مع السماد بجيوب (شق) في التربة مخترقة غطاء المحصول السابق التي تغطي التربة، ويتم وضع البذور في جيوب في التربة عرضها 2-3 سم، وبعمق 4-7 سم ويتم وضع السماد بنفس الوقت بحيز منفصل قليلا عن مكان غرس البذرة.

 2 - حراثة شريطية strip tillage: 

حيث يتم حراثة شريط (نطاق) ضيق في التربة ( عرض الشريط 15سم وبعمق 10-20سم) ، ويتم وضع السماد بنفس الوقت، ويتم اجراء النطاق في فصل الخريف عادة ، وثم في مرحلة تالية سيتم زراعة البذورفي النطاق ، وتترك المناطق بين النطاقات بدون حراثة مغطاة ببقايا النباتات .

 3 - حرث قممي  ridge till: 

زراعة البذور على قمة طويلة ممتدة (ارتفاع بسيط من التربة). ويتم تحضير قمم (رتوج، حرف) التربة بعناية بواسطة آلات متخصصة، ويتم وضع مخلفات المحاصيل بين الرتوج .

 4 - حرث التغطية mulch till:

 والمقصود بحرث التغطية في الزراعة الحافظة هي أي نظام حراثة يتم فيه حراثة غير كاملة للتربة بحيث يبقى على الأقل ثلث التربة مغطى بمخلفات المحصول. 
حيث يتم بحرث التغطية بطمر المخلفات النباتية جزئيا بواسطة آلات الفلاحة او آلات القش بحيث نترك ثلث سطح التربة على الأقل  مغطى بمخلفات المحصول السابق.

5- حرث الخندق :

إجراء خنادق (سطور، صفوف) سطحية على امتداد التربة، وتكون تلك الخنادق طويلة وضيقة بحيث تسمح فقط بوضع بذور المحاصيل والسماد، وتترك التربة بين الخنادق بدون حراثة، ومغطاة ببقايا المحاصيل السابقة الميتة أو بمحاصيل التغطية.

أهمية الزراعة الحافظة كنشاط اقتصادي :

  • تعتبر الزراعة الحافظة مهما جدا وخاصة في المناطق الجافة وشبه الجافة، وفي المناطيق البعلية قليلة الأمطار لأنها توفر الحاجة للمياه اللازمة للمحصول. 
  • كما أن الزراعة بدون حراثة التربة مهمة بشكل خاص في المناطق الفقيرة، لأنها توفر من تكاليف الإنتاج على المزارع وتحقق ربحا مستديما عاليا مقارنة مع الزراعة التقليدية.
  •  والزراعة الحافظة مهمة لأنها تتجاوز سلبيات وأضرار حرث التربة في الزراعة التقليدية.

فوائد الزراعة الحافظة:

1. تقلل من الحاجة لليد العاملة.
2. توفر الوقت لأنه يتم زرعة البذور ووضع السماد مرة واحدة وبدون حرث كامل التربة .
3. تقلل  الحاجة إلى الآلات الزراعية.
4. توفر في الوقود.
5. تحسن  خصائص التربة.
6. تحسن  الإنتاجية على المدى البعيد.
7. تحد  من انجراف التربة.
8. تحسن  من نفاذية التربة للماء وتزيد من احتفاظ التربة من الماء.
9. تحسن  من نوعية المياه السطحية وتحد من تراكم الطمي.
10. تحسن  من محتوى التربة من المادة العضوية وتزيد من عدد ونشاط الكائنات الحية في التربة.
11. تحد من انضغاط وتراص التربة بسبب قلة مررو الآليات الزراعية على التربة.
12. تقلل   من نمو الأعشاب الضارة بسبب وجود مخلفات المحاصيل السابقة على سطح التربة والتي تقلل من وصول بذور الأعشاب الضارة للتربة.
13. تخفض 
من نسبة استخدام الأسمدة،
14. تقلل  من نسبة البذور المستخدمة لزراعة المحصول.

تأثير الزراعة الحافظة على البيئة 

يؤدي تطبيق نظام الزراعة الحافظة إلى احتجاز كميات كبيرة من الكربون في التربة، وبالتالي يحول نظام الزراعة بدون حرث التربة التربة من مصدر إنبعاث للكربون للجو إلى مصب له، ولذلك تعتبر الزراعة بدون حراثة التربة من أشكال الزراعة التي تحافظ على البيئة . 

دور الزراعة الحافظة في ضبط انجراف التربة:

تقلل الزراعة الحافظة من تعرية التربة الناجم عن حركة الرياح و/أو عن حركة المياه على سطح التربة بفعل الأمطار، بسبب أن الزراعة الحافظة تزيد من تماسك التربة، وتزيد من حجم وثبات الكتل الترابية ، نتيجة لازدياد محتوى التربة من المادة العضوية، والتي بدورها  تؤدي دور الملاط الذي يربط بين جزيئات التربة بعضها ببعض، فيصعب تحريكها من قبل الرياح والمياه.

كما تساهم هذه الطريقة  في وقف تلوث مياه الأنهار والبحيرات، وتحسن نوعية المياه السطحية والجوفية، بسبب أن الماء من المساقط المائية عادة ما تكون نقية حتى خلال الفترات التي تكون فيها الهطولات المطرية غزيرة جدا. 

تأثيرات الزراعة الحافظة في خصائص التربة:

 1 - تأثير الزراعة الحافظة في الخصائص الكيميائية للتربة :

سجلت تحت ظروف الزراعة الحافظة بالمقارنة مع الزراعة التقليدية قيما أعلى من محتوى التربة من المادة العضوية، والآزوت، والفوسفور، والبوتاسيوم، والكالسيوم والمغنزيوم، وقيما أعلى من درجة الحموضة( pH) والسعة التبادلية الكاتيونية.

 2 - تأثير الزراعة الحافظة في المواصفات الفيزيائية للتربة :

يؤدي تطبيق نظام الزراعة بدون فلاحة التربة إلى زيادة محتوى التربة المائي، والمحافظة على ثبات الكتل الترابية، ودرجة حرارة التربة ، وتزيد أيضا من مسامية التربة.

3 - تأثير الزراعة الحافظة على المواد العضوية في التربة:

يزيد تطبيق هذا النظام  من محتوى التربة من المادة العضوية من خلال:
  • بقايا المحصول المتروكة فوق سطح التربة.
  • جذور النباتات المتحللة.
  • حماية الدبال Humus من أشعة الشمس، أو من العوامل الخارجية
  • تقليل من نسبة تفكك المواد العضوية الموجودة في التربة  نتيجة انخفاض درجات حرارة تربة الزراعة الحافظة.
أما المنافع البيئية المترتبة على تحسين محتوى التربة من المادة العضوية:
  •  تحسين قوام التربة
  •  تحسين قدرة التربة على الاحتفاظ بالماء.
  •  التحرير البطيء للعناصر المعدنية المغذية.
  •  ارتفاع أعداد أعداد الكائنات الحية الموجودة في التربة
  •  تحسين خصوبة التربة fertility Soil وكفاءتها الإنتاجية في حجز CO2 التربة وتقليل انبعاث غازات الدفيئة.
  •  تقليل انجراف التربة وتلوث المياه.

 4- تأثير الزراعة الحافظة في المواصفات الحيوية للتربة :

يؤدي عدم استخدام المحاريث إلى المحافظة على الأعشاش والقنوات التي بنتها الكائنات الحية الدقيقة، مما يؤدي إلى زيادة أعداد الكائنات الحية (مثل ديدان الأرض المفيدة للتربة) في التربة ونشاطها بالمقارنة مع نظام الفلاحة التقليدية.
وكما تساهم وجود المخلفات النباتية فوق سطح التربة باستمرار بقاء الكائنات الحية وتناسلها لأن تلك المخلفات النباتية مصدر غذاء لها. 

دور الزراعة الحافظة في تحسين إنتاجية المحاصيل المختلفة وتقليل تكاليف الإنتاج الزراعي:

1 - زيادة كمية إنتاج المحاصيل الزراعية:

بينت الدراسات أن تطبيق هذا النظام من الزراعة في حقول المزارعين قد أدى إلى تحسن من إنتاج جميع أنواع المحاصيل المزروعة ،  وخاصة في السنوات التي تلت السنة الثانية من الزراعة. 
 كما ازدادت من كفاءة مياه الأمطار، وخفضت من تكاليف الإنتاج الزراعي بالمقارنة مع الزراعة التقليدية.
فقد بينت دراسة تم اجرائها زيادة متوسط إنتاجية بعض أنواع المحاصيل المزروعة بنظام الزراعة الحافظة 
في سوريا  والتي تم مقارنتها بنظام الزراعة التقليدية :
نسبة الزيادة في القمح  15.3% ، الشعير % 8.60، العدس 11.36%، الحمص 18%.

2- تقليل تكاليف الإنتاج الزراعي: 

انخفضت تكاليف الإنتاج الزراعي عند تطبيق نظام الزراعة الحافظة بنسبة 15.9 % لمحصول القمح، و15.6 % لمحصول الشعير، و17.9 % لمحصول الحمص، و14.3 % لمحصول العدس بالمقارنة مع الزراعة التقليدية.

3- تخفيض كمية البذار المزروعة: 

انخفض معدل البذار عند تطبيق هذا النظام من الزراعة بنسبة 17.7 % بالنسبة إلى القمح، و23.3 % للشعير و19.7% للعدس و2.2 % للحمص بالمقارنة مع الزراعة التقليدية.

4- زيادة صافي الإيرادات والأرباح:

 ازدادت الأرباح عند تطبيق هذا النظام من الزراعة الحافظة بنسبة % 33.1 في القمح، و20.9% في الشعير، و48.9 % في العدس، ونحو 182.6 % في الحمص.

عيوب الزراعة الحافظة مقارنة مع الزراعة التقليدية:

  • زيادة استخدام المواد الكيميائية كمبيدات الأعشاب والمبيدات الحشرية : إذ كان يعتمد المزارعين في الزراعة التقليدية على حراثة الأرض لمكافحة الأعشاب الضارة، ولتقليل من الأمراض التي تصيب المحاصيل ومن الحشرات ومن القوارض ومن خطر حصول الحرائق ، ولكن مع الزرعة المحافظة (بدون حراثة الأرض) ومع المحافظة على مخلفات المحصول السابق سيتم الاعتماد على المواد الكيميائية ( مثل: كمبيدات الأعشاب، ولمكافحة الحشرات والقوارض ، ومسببات أمراض المحاصيل) بشكل أكثر من الزراعة التقليدية.
  • زيادة خطر احتمال حدوث الحرائق لوجود الأعشاب اليابسة فوق سطح التربة طيلة السنة.
  • كما نحتاج إلى توفر آلات متخصصة بتطبيق الزراعة الحافظة في الأرضي واسعة المساحة.
  • قد تحتاج لوقت حتى نحصل على النتائج الإيجابية للزراعة الحافظة.
الخاتمة  ومما سبق نستنتج أن الزراعة الحافظة  ذات أهمية كبيرة،  لأنها تحقق إنتاج زراعي ذو كفاءة إنتاجية عالية مع صافي ربح جيد وبشكل مستديم، كما تحافظ الزراعة الحافظة على التربة الزراعية وعلى توازن النظام البيئي واستقراره .




تعليقات